فيسبوك أم تويتر؟ الفرق بين المنصتين من منظور حديث المصعد
في عصر السرعة والانشغال، لم يعد العالم الرقمي مجرد فضاءٍ اجتماعي للتسلية أو الترفيه، بل أصبح ساحةً مكتظة بالأفكار والمشاريع والآراء. ومع تزايد عدد المنصات، يتضح أن لكل منها لغتها الخاصة وجمهورها المميز، لكن لعل أبرز الفروقات التي تستحق التوقف عندها هو الفرق بين فيسبوك وتويتر (X) — لا سيما في طبيعة المحتوى وطريقة التعبير.
فيسبوك: منصة الحكايات الطويلة والتفاصيل الاجتماعية
فيسبوك يُشبه إلى حد كبير مجلسًا واسعًا، يجتمع فيه الأصدقاء والأقارب والمعارف ليتبادلوا القصص، الصور، التعليقات، والمناسبات. إنها منصة “التفصيل” بامتياز، حيث يمكن للمستخدم أن يكتب منشورًا طويلاً، يسرده على راحته، يشرح فكرته، يضيف رأيًا، ثم يستقبل التعليقات التي تتحول أحيانًا إلى نقاشات مطولة.
تُشبه هذه المنصة خطابًا في قاعةٍ فسيحة، حيث كل شيء مباح من حيث الطول والشرح والسرد. إنها البيئة المثالية لمن يحب أن “يحكي”، أن يُفصّل، أن يروي.
تويتر (X): حديث المصعد الرقمي
في المقابل، فإن تويتر — أو “X” في صورته الحديثة — يُشبه المصعد أكثر من أي شيء آخر.
هل سمعت عن حديث المصعد (Elevator Pitch)؟
إنه مصطلح يُستخدم في عالم الاقتصاد وريادة الأعمال، ويعني القدرة على توصيل فكرة، مشروع، أو منتج خلال 30 إلى 40 ثانية فقط — وهي المدة التي قد تستغرقها مقابلة عابرة مع مسؤول أو مستثمر داخل المصعد.
لا وقت هنا للتفاصيل. لا فرصة للإطناب أو الشرح المطول. لديك فكرة؟ عبّر عنها بسرعة. تريد لفت الانتباه؟ استثمر كل كلمة. هذه المهارة لا تقتصر على الروّاد أو رجال الأعمال، بل باتت مطلوبة في كل مجالات الحياة المعاصرة — بما فيها عالم المحتوى الرقمي، وتحديدًا على منصة مثل تويتر.
تويتر لا يحتمل “المقدمات الطويلة”. إنه يتطلب منك صياغة رأي، فكرة، أو حتى قصة مصغّرة — في حدود 280 حرفًا فقط. وإن استطعت أن تختصر أكثر، زادت فرصة وصول صوتك.
الاختصار ليس ضعفًا… بل مهارة
وهنا يكمن جوهر الفرق:
فيسبوك قد يسمح لك بكتابة مقال، لكن تويتر يختبر قدرتك على أن تكون ذكيًا ومباشرًا وجاذبًا — في آنٍ واحد.
الاختصار في تويتر لا يعني السرعة العشوائية أو حشو الكلمات، بل هو فن التلخيص الذكي، كما قال الحمدان (2023):
“في عالم الأعمال اليوم لا يملك أحد الوقت الكافي للاستماع إليك، فلا بد من التمتع بمهارات الاختصار والاختزال. ولا يعني ذلك سرعة إلقاء المعلومات وحشوها بقدر ما يعني التركيز على ملخص جاذب بشكل ذكي وفعال يعبر عن فكرة رئيسية.”
بعبارة أخرى: تويتر يُكافئ من يُجيد استخدام القليل ليُوصل الكثير.
منصة لمن؟ وكيف؟
إن كنت ممن يحبون التفاعل الطويل، مشاركة اللحظات، التوسع في الأفكار، والنقاشات الاجتماعية، ففيسبوك هو المساحة الأنسب.
أما إذا كنت ممن يُفضّلون الدقة، والطرح السريع، والتحليل المختصر، وتوصيل الرسائل بذكاء وفي وقتٍ ضيق — فإن تويتر هو منصتك الطبيعية.
ختامًا: لكل منصة لغتها
العالم الرقمي كما الحياة، فيه المساحات الكبيرة والصغيرة، فيه المجالس الطويلة والمصاعد القصيرة.
وفهم الفروق بين هذه المنصات لا يُساعدك فقط على اختيار ما يناسبك، بل يُعلّمك كيف تُعبّر بفعالية في الزمن الذي أصبح فيه الاختصار فنًا، والصمت خيارًا، والانتباه سلعة نادرة.
سواء كتبت في فيسبوك أو غرّدت في تويتر، تذكّر:
الفكرة القوية، تصل مهما كان عدد كلماتها… ولكنها تحتاج أن تُصاغ جيدًا.
المراجع:
الحمدان، بدر بن ناصر. (02 أكتوبر 2023). حديث المصعد. صحيفة الجزيرة السعودية. مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر. تم الاسترجاع من الرابط: https://www.al-jazirah.com/2023/20231002/ar5.htm
هذا المقال استخدم فيه الذكاء الاصطناعي لإعادة صياغة بعض الجمل والفقرات.
تعليقات
إرسال تعليق