ثائر، وهو أسمي أيضاً. أنا من تلك البلاد التي تختلف تسميتها مع مرور السنين والثابت أنها عصية على الاندثار، ويحمل أهلها في عروقهم عناقيدٌ وتفاح. مازال الكل يشتّاقُها حتى بعد خرابها الأخير.
أنا لا أحب أن أتحدث كثيرًا عن عمري ربما لأنني تجاوزت الثلاثين، وربما سأعطي نفسي ذلك الحق بأن أدعي أن قلقي من الثلاثين كان مجرد وهم، فالحياة أصبحت أجمل، والقدرة على التعايش أصبحت أفضل. غير انّي خرجت إلى هذه الحياة بشكل درامي في أحد أيام سنة 1990 ولا أعتقد انه من المهم معرفة اليوم، ولكن إذا كنتم مصريّين على الاحتفال بعيد ميلادي، فمع شروق شمس 1 حزيران/ يونيو وكما تفعل الشمس كل يوم عند شروقها ولد معها حلم جديد، وولُدتُ أنا. وأنا أحب شروق الشمس منذ ذلك اليوم، فعادة ما كنت أشاهد شروق الشمس ثم أنام، خلال أيام عديدة صُرفت في صُحبة الورق والشيشة، وطبعًا السهر والكثير من «الفلة» التي غالبًا ما كانت تؤثر على يوم العمل التالي بالتأخر وتشتت التركيز وعلى حياتي جُلها أو كلها، ولا زلتُ حتى اليوم أبحث عن الكثير من التركيز والعمل. وتأكدت في تلك الفترة أنني أملك موهبة لا بأس بها بتكوين أصدقاء جدد، أُهوِّن كثيرًا على نفسي أنني استبدلت تلك الليالي بالذهاب إلى النادي الرياضي وببعض القراءة والدراسة ورفقة أسرتي، وطبعًا بعض الأصدقاء المختارين بعناية.
لأعلم ما سيحمله المستقبل في ظل هذا التناقض الذي صنعته في الضياع بين نشأة تعودت على الحماس والسهر واللعب، وبين أعمال جدية يحاول أن يرسم بها الإنسان مستقبله مع ساعات طويلة أمام لوحة المفاتيح، على كل حال، أجد أن حكمة الله اختارت لي هذا التناقض، ولا بأس بالنسبة لي على أيٍ حال.
أحاول هنا ان أكون متزناً قدر الإمكان، حيث أن كل مشاكلي كانت تدور سابقاً حول طريقتي الخاصة في التفكير وفهمي المختلف للحياة، لتتغير اليوم وتصبح مشاكلي كلها متعلقة بالاقتصاد والكسب والثقافة والمعرفة وأمور أخرى أقل أهمية. فأنا فضولي فيما يتعلق بالعلم والتقنية أعشق الرحلات البرية والقراءة والكتابة والأفلام الوثائقية والخيال العلمي بيد أني أصبحت أنام بينما أقرأ أو بينما أشاهد فلم.
أكتب هنا وأنا لست ببراعة جبران خليل جبران، ولا بعبقرية مصطفى صادق الرافعي، ولا أمتلك أبجدية كـأبجدية واسيني الأعرج ولا أكتب شعراً كـشعر أحمد شوقي أو عمر الخيام أو غازي القصيبي ولا قصصاً وأدباً كـنجيب محفوظ. مجرد حروف رسمت بطريقة او بأخرى لتشكل هذه الكلمات لكي أعرفكم بنفسي. رغم عدم طلبكم مني ذلك.